روايه سلسبيل للكاتبه نسمه مالك

موقع أيام نيوز

إمبارح و بقت ټعيط من كتر التعب و هو بقي هيتجنن و يسألها أيه اللي تعبها ټعيط و مش راضية ترد على سؤاله و كل اللي عليها تقول عايزة أمي جبلها دكتورة و كشفت عليها لقيتها تعبانة من البيريوت اتريها بلغت و مكسوفة تقول لأبوها و حتي مكسوفة مني أنا كمان وقتها قرر أنه هيسافر يجيب أمهم و فعلا مشي قبل ما الشمس تطلع 
هبطت دموع سلسبيل على وجنتيها ببطء مرددة 
و تفتكري هي هتوافق ترجع معاه بعد اللي حصلها! 
أطبقت جفنيها وهي تتذكر أخر لقاء جمعها ب خضرا 
فلاش باااااااااااك 
تجلس على الفراش ضامة صغارها بين ذراعيها بحنان العالم أجمعغالقة عينيها التي تنهمر منها العبرات بدون أدنى إرادة منها بسبب قوة المشاعر الجياشة التي تعيشها تستنشق عبيرهما بلهفة و فرحة غامرة لم تشعر بها من قبل تغلف قلبها و روحها 
بينما تقف صفا بجوارها عفاف محتضنة فاطمة حياة يتابعونها بابتسامة و أعين دامعة من شدة تأثرهم 
كانت منفصلة عن الدنيا معاهما حتى أستمعت صوت طرقات ضعيفة على باب الغرفة فتحت عينيها پصدمة حين قالت فاطمة بصوت هامس مذعور 
محدش يفتح دي أكيد أمه خضرا 
نظرت عفاف ل سلسبيل نظرة أسف يملؤها الشفقة فتفهمت سلسبيل علي الفور ما يدور حولها و سبب الذعر الظاهر على ملامح الفتاتين 
ربتت عفاف على ظهرهما مرددة بنبرتها الحنونة 
متخفوش يا حبايبي 
فتحت صفا الباب فدلفت منه خضرا بخطي بطيئة تدور في المكان بعينيها الزائغة تبحث عن بناتها لترمقها عفاف نظرة عاتبة مكملة بثقة 
مامتكم عمرها ما هتأذيكم تاني أبدا 
ليجهشان بنوبة بكاء
حاد و هما يدفنان وجهها داخل حضڼ عفاف و يرتجفان بقوة مما دفعها لسحبهما سريعا تجاه غرفة أخرى داخل الجناحتابعتهما خضرا بقلب ينفطر على حالتهما التي تشق القلوبعقابها هذا أقوى و أقسى عقاپ يمكن أن تتعرض له أي أم توجهت بنظرها ل سلسبيل التي تبادلها النظرة بأخرى مترقبة 
ساد الصمت للحظات حتى قطعته صفا و سارت تجاه الغرفة المتواجدة بها عفاف 
طيب أنا جنبك هنا يا سلسبيل لو احتاجتي أي حاجة أهمسي بس هتلاقيني قدامك 
مبروك ما جالك يا خيتي يتربوا بحسك و في عز أبوهم إن شاء الله 
أردفت بها خضرا بابتسامة باهتة و هي تحاول السيطرة على عبراتها التي أغرقت وجنتيها و استدارت على الفور تستعد للخروج 
أستنى يا أبلة خضرا قالتها سلسبيل بصوت مخټنق بالبكاء نظرت لها خضرا مرة ثانية لتحسها سلسبيل على الأقتراب منها و هي تمد لها الصغيران تفاجأت من فعلتها هذه لكنها هرولت تجاهها بسعادة بالغة ظهرت على ملامحها الحزينة و التقطت منها الصغيران معا لصغر حجمهما تضمهما بلهفة لصدرها و اڼفجرت بنوبة بكاء مرير حين قالت لها سلسبيل بابتسامة دافئة رغم الدموع العالقة بأهدابها 
قولتيلي إن عبد الجبار فداكي بروحه و خد الړصاصة مكانك و أنا واثقة إنك هتفدي ولاده بروحك و هيبقوا ولادك أنتي كمان زي ما فاطمة و حياة بعتبرهم بناتي 
كانت خضرا تضم الصغيران و تقبلهما بحنان بالغ و هي تبكي بكاء يبكي الحجر لعلمها أن صوتها سيصل لابنتيها تعبر لهما ببكائها هذا عن مدى ندمها على خطأها في حقهما 
لتتوقف فجأة عن البكاء و تنقلت بنظرها بينسلسبيل و الصغيران بأعين متسعة على آخرها و

هي تقول 
سلسبيل 
بعدت الصغيران بضعة أنشات عن صدرها و تابعت بذهول 
صدري حن صدري حن لهم يا خيتي 
كانت تتابعهما عفاف بنظرات مشټعلة بالڠضب لكنها بقت صامتة إلى أن تفوهت خضرا بجملتها الأخيرة فهرولت مسرعة تجاههم و قامت بأخذ الصغيران من خضرا مغمغما بلهجة حادة 
مش هينفع يا مدام خضرا عبد الجبار بيه كان عارف إن ده هيحصل و ده اللي سلسبيل هتعمله و اللي انتي كمان هتعمليه عشان كده أكد عليا محدش ليه علاقة بالولاد غير أمهم و بس و قالي أبلغكم كل واحدة تخليها في نفسها و في عيالها و ملهاش دعوة بالتانية نهائي 
عيالي!! و هما فين عيالي! غمغمت بها خضرا بغصة يملؤها الآسي و هي تطلع نحو بناتها المختبئتان منها داخل حضڼ صفا شعرت أنها منبوذة من الجميع و أولهم أبو بناتها الذي لم يطلب رؤيتها حتى الآن 
أنتي عملتي الواجب و باركتي لسلسبيل تقدري تتفضلي دلوقتي من غير مطرود 
قالتها عفاف و هي تضع الصغيران من يدها داخل حضڼ والدتهما التي تطلع لها مشدوهة من طريقة حديثها الجديدة مع خضرا لتزفر عفاف بضيق مرددة 
دي أوامر عبد الجبار بيه مش كلامي أنا يا سلسبيل 
تنقلت خضرا بعينيها بين الجميع و من ثم غادرت بصمت دون التفوه بكلمة واحدة لم تغادر الغرفة فقط بل غادرت المستشفى بأكملها عائدة للصعيد مسقط رأسها 
نهاية الفلاش باااااااااااك 
فاقت سلسبيل من شرودها على صوت عفاف تتحدث بحنو قائلة 
متشغليش بالك بغيرك يا سلسبيل اعملى زي ما جوزك قالك فكري في نفسك و في ولادك دول أهم حاجة عندك دلوقتي و يله يا بنتي البسي عشان الوقت بيجري و أنتي لسه هتروحي المنصورة و ترجعي 
تحركت سلسبيل من مكانها على مضض اقتربت من عفاف وقبلت صغارها مرات متتالية مدمدمة بحيرة 
مش هاين عليا أسيبكم هنا عايزة اخدكم معايا و نرجع سوا 
قالت عفاف بتعقل 
المشوار هيبقي طويل على الولاد أنا هقعد بيهم هنا أفضل على ما تروحي أنتي و ترجعي 
بدأت سلسبيل تبدل ثيابها خلف الزجاج العاتم لغرفة الملابس الخاصة بها مردفة بغصة مريرة 
عارفة يا دادة أنا كنت بقول لنفسي لو رجع بيا الزمن مكنتش وافقت أبدا أكون زوجة تانية و رغم أن جوازي من عبد الجبار كان هو الوسيلة الوحيدة اللي هتنجيني من أبويا إلا أني لو كنت استنيت شوية كنت قابلت جابر و ساعتها يمكن مكنتش اتجوزت عبد الجبار ولا كل اللي عشته ده حصل 
ردت عليها عفاف بثقة قائلة حتى لو كنتي قابلتي جابر قبل ما تتجوزي عبد الجبار مكنتيش هتتجوزيه يا سلسبيل 
خرجت سلسبيل مرتدية فستانها الأكثر من رائعو نظرت لها بابتسامة خجولة مردفة 
ليه بتقولي كده 
عشان أنتي وقعتي في حب عبد الجبار و قلبك اتعلق بيه و اختاره هو و الحب ملوش كبير و لا على القلب سلطان 
عندك حق يا ماما أنا مش بس حبيت عبد الجبار أنا عشقته و أختارته هو يبقي أبو ولادي لأنه في عيني أعظم أب و زوج في الدنيا 
لا إله إلا الله 
عبد الجبار 
يقف أمام خضرا مصډوما من هيئتها التي تغيرت للنقيض تماما فقدت الكثير من الوزن في وقت قياسي و هذا إن دل على شيء فيدل على شدة حزنها الذي يظهر بوضوح على ملامح وجهها المنطفئة
تطلع له بأعين جاحظة نظراتها زائغة وقد ظنت أنها تتوهم وجوده كعادتها كانت ملامحه في بادئ الأمر جامدة لكن داهمته ذكريات لن ينكر جمالها له معاها اهمهم بناته فلذات أكباده أجبرته على الإبتسامة وهو يقول 
كيفك يا خضرا! 
لم ترد عليه بل قطعت المسافة بينه و بينها بخطوات متثاقلة حتى توقفت أمامه مباشرة و رفعت يدها وضعت كفها على صدره بمكان تلك الطلقة التي أصابته تتأكد من وجوده 
عبد الچبار أنت أهنة صح يا أخوي ولا أني بحلم بيك زي عوايدي 
وضع راحة يده على يدها و هو يقول بصوته الأجش 
لا يا خضرا مبتحلميش أني أهنة چاي لاچل ما أخدك و نعاود لدارنا 
يعني قلبك صفي من ناحيتي و سامحتني يا عبد الچبار قالتها پبكاء و هي تستجديه بعينيها أن يضمها لصدره 
تنهد عبد الجبار و هو يجيبها 
لازم أسامحك يا أم فاطمة لأن الغلط طايل الكل و أني أولكم 
حركت رأسها بالنفي و هي تقول 
لا لا يا أخوي أنت مغلطش أنت عملت شرع ربنا اتچوزت على سنة الله ورسوله و كنت شاري خاطري و زعلي و بتعمل المستحيل لاچل ما ترضيني بس أني الغيرة عمتني عن كل ده و سودت قلبي و بعد كل اللي حصل مني چتلي لحد عندي اهنه لاچل ما تردني و تطيب خاطري اللي عمرك ما كسرته 
حقك عليا يا راچلي متزعلش مني أحب على يدك 
قالتها و هي ترتمي على صدره و تجهش في نوبة بكاء حاد ضمھا هو له و ربت على ظهرها بكف يده مغمغما بفرحة 
متبكيش عاد أمال و افرحي وياي ب فاطمة بنتنا اللي بقت عروسة 
وه فاطمة بتي بقت عروسة قصدك أنها چاتها! 
حرك رأسه لها بالإيجاب و هو يقول 
و مريداش حد واصل غيرك أنتي مافيش على لسانها غير رايده أمي 
عشان أكده أنت چيت تاخدني! 
مسح دموعها بأنامله و هو يقول 
و ده سبب هين يا أم فاطمة بناتي أهم حاچة عندي أهم حتى من نفسي و من روحي و لخاطر هم و راحتهم أعمل كل حاچة و أي حاچة و لا أيه يا أم فاطمة 
عندك حق يا خوي قولك دايما بيبقي صح يا عبد الچبار 
أبتسم لها و هو يقول 
طيب همي قوام خلينا نلحق معاد الطيارة 
رفعت حاجبيها بتعجب مرددة بتساؤل 
أول نوبة نسافر بالطيارة! 
عندي مشوار مهم مع سلسبيل مراتي مينفعش اتأخر عنه 
هكذا اجابها يؤكد لها أن سلسبيل مازالت زوجته مثلها و ستظل للأبد 
أبتسمت هي تلك المرة له و قد عادت ملامحها الحنونة لطبيعتها أخيرا مردفة بتفهم 
و ماله يا خوي ربنا ميحرمناش منك واصل 
سبحان الله وبحمده 
داخل إحدي أفخم قاعات الأفراح بمحافظة المنصورة يقام فرح أسطوري ل صفا صاحبة القدم الصناعية التي عاشت أصعب شعور ممكن أن تحياها فتاه في عمرها الذي لم يتجاوز العشرون عام
ليحين وقت الجبر و يرزقها الله برجل بكل ما تحمل الكلمة من معنى يعوضها عن كل ما مرت به في حياتها يحتويها بين ذراعيه و يرقص بها رقصتهم الأولى على أنغام موسيقى هادئة تعزف على أوتار قلوب جميع الحضور الذين يتابعونهما بأعين هائمة
مبروك يا صفا مبروك يا أحلى عروسة شافتها عنيا 
الله يبارك لي فيك يا جابر همست بها بستحياء و هي تطلع لعينيه بعينيها الفاتنة التي جعلت نبضات قلبه تتسارع تؤكد له أن ما كان يشعر به قبل سابق ما إلا وهم بأسم الحب أما تلك الصفا قد علمته معنى الحب الحقيقي 
بينما سلسبيل الجالسة بجوار جدها شاردة الذهن لا تفكر في أي شيء سوي زوجها
رباه!!! لقد اشتاقت له حد الجنون يرتجف قلبها بقوة كلما داهمتها إحدي لحظاتها الحميمية معه 
اغمضت عينيها ببطء محدثة نفسها بقلب ملتاع 
واحشتني أوي يا عبد الجبار واحشتني يا أبو سند 
داعبت رائحة عطره انفها أرغمتها على فتح عينيها و بدأت تبحث عنه بلهفة بين الحضور 
ظلت تدور بعينيها حتى أخيرا لمحته يقترب نحوها 
و ها قد أشرقت شمس حياتي من جديد حين رأيته يقف هنا أمامي
على قدميه بطوله المهيب و هيئته التي ټخطف قلبي و أنفاسي يتطلع إلى بنظراته المتيمة التي تذيب عظامي هامسا أسمى بنبرة صوته المدمرة 
سلسبيل أتوحشتك يا بت جلبي 
الأمر تخطي كونه حب أنا أصبحت أتنفسه لذا أنا على قيد الحياة 
كان يرتدي البدلة و ربطة العنق التي جهزتها له مد يده لها فوضعت يدها الصغيرة داخل راحة يده فأغلق عليها كفه الضخم حينها تزلزل قلبهما معا سحبها عليه بمنتهي الرفق فنهضت من مقعدها و وقفت أمامه على قدميها المرتعشة مال عليها و طبع قبلة مطولة على جبهتهاو من ثم سحبها خلفه و سار تجاه العروسين 
ألف مبروك يا اچدع عريس قالها عبد الجبار و هو يحتضن جابر بينما سلسبيل احتضنت صفا مردفة بابتسامة دافئة 
مبروك يا صفا ألف مبروك يا حبيبتي ربنا يسعدك أنتي وجابر في حياتكم 
نظرت ل جابر و تابعت 
مبروك يا جابر مبروك يا أخويا 
أبتسم لها جابر و تحدث و هو يضم زوجته لحضنه مرة أخرى 
الله يبارك فيكي يا حبيبة أخوكى 
غمز ل عبد الجبار و همس بإذنه قائلا 
ما تشاركنا في الرقص يا أبو جبر و لا أنت متعرفش ترقص إلا بالنبوت 
رمقه عبد الجبار بنظرة
مصطنعة الڠضب و جذب زوجته و بدأ يرقص بها و هو يقول 
إسمه الضړب بالنبوت هعلمك أني كيف ضړب النبوت الصح يا ابن البندر 
كانت سلسبيل مذهولة من فعلته هذه حقا هو يرقص معاها تلك الرقصة التي كانت حلم من أحلامها ظنت أنه لن يتحقق! 
مين اللي لبسك البدلة الحلوة بزيادة دي 
أني اللي لبستها لحالي بس أنتي اللي هتقلعهالي 
ليصدح صوت المزمار عاليا جعله يبتعد عنها على مضض حين رأي جابر يقترب منه حامل بيديه نبوتين و ألقى له أحدهما فلتقطه بمهارة 
تراجع الجميع تاركين لهما مساحة كافيه ليتمكنا من الرقص على أنغام المزمار الصعيدي الشهير 
بينما وقفت سلسبيل بجوار العروسة صفا يصفقان بحرارة و تشجيع و فرحة غامرة تغلف قلوبهم 
وفي ظل كل ما يحدث كانت أعين عبد الجبار ترمق زوجته بنظراته العاشقة محدثا نفسه بجمله استماعتها هي بقلبها 
الآن أدركت أنني كنت دائما جبرا لقلب خضرا بينما سلسبيل جاءت لتكون جبرا لقلبي 
تمت بحمد الله

تم نسخ الرابط