روايه سلسبيل للكاتبه نسمه مالك
المحتويات
يا عبد الجبار
ما تفوهت به الآن جعلته يفقد السيطرة لوهلة على التركيز في الطريق أمامه و كاد أن يصتطدم بسيارة تسير بجواره في حاډث سير مروع لولا عناية الله و ستره عليهما
أطلقت سلسبيل شهقة قوية و كادت أن ترتطم بالوجهة الأمامية للسيارة عندما فرمل عبد الجبار فجأة لولا أنه أمسك ذراعها بأحكام على أخر لحظة
قولتلك ألبسي الحزام الطريق اهنة واعر
معرفتش أقفله والله أنا أسفة همست بها بصوت مرتجف و هي تحاول غلق حزام الأمان بتوتر و جسد ينتفض بوضوح
نفخعبد الجبار بضيق و أوقف سيارته بمكان جانبي قليلا على الطريق السريع خال من الناس و استدار نحوها أمسك هو الحزام يضعه حولها بنفسه فأصبح محاصرها بجزعه الضخم بين ذراعيه
بينما هو يرمقها بنظرة جامدة و ملامح منذهلة من فعلتها
الجريئة بالنسبة له و هم بالابتعاد عنها لكنها أسرعت و أمسكت ياقة جلبابه جذبته عليها أكثر و نظرت بعمق داخل عينيه و هي تقول بغصة مريرة يملؤها الأسى
بكت بنحيب و تابعت بتقطع من بين شهقاتها
حاولت أدور على غلطة واحدة امسكها عليها تكون مبرر ليا أريح بيه ضميري لو ختك منها بس ملقتش معاملتها الطيبة معايا و
حبها الصادق لكل اللي حواليها خلاني أدوس على قلبي اللي حبك و هبعد عنكم و بالذات عنك أنت يا عبد الجبار
لجم نفسه عنها بشق الأنفس حتى لا يضرب كل شيء عرض الحائط و ينهال عليها لكن خوفه عليها أكبر من شوقه إليها
أردف بها بضحكة ساخرة و هو يبتعد عنها بالامبالاة مصطنعة
قالت سلسبيل بتوتر بسبب قربها منه الذي بعثر مشاعرها أكيد غيرتها عليك هي اللي خلتها توصل لكده و ليها حق في غيرتها دي الحقيقة و بما إننا بقي مستحيل نرجع لبعض وأنت أخترت مراتك و أم بناتك فحبيت أريح ضميري من ناحيتها عشان لما قولتلك على ټهديدها كنت قاصدة اقلبك عليها و أبعدك عنها من غيرتي عليك أنا كمان
الكلمة الوحيدة التي علق عليها في حديثها بأكمله لتنظر هي له نظرة بدت جامدة مرددة بأسف
أيوه رجوعنا لبعض بقي مستحيل يا عبد الجبار و أنت أكيد عارف كده كويس أوي لأن وجودنا مع بعض مش هيبقي في راحة لحد أبدا
خلصتي حديتك!!
قالها پغضب من حديثها الذي يثير جنونه فأجابته بتنهيدة وهي تعتدل بمقعدها بوضع أكثر راحة و تنظر إليه بشغف تحفر ملامحه بعقلها و يدها تسللت ببطء نحو بطنها تمسد عليها بمنتهي الرفق و تدعو الله من صميم قلبها أن لا يخيب ظنها و تكون حامل في طفل منه يورث كل ملامحه بكل تفاصيلها
أردف بها بلهجة محذرة بثت الريبة بقلبها و جعلتها تستمع له بكل آذان صاغيه
سبحان الله وبحمده
خضرا
أستغلت غياب بخيتة التي ذهبت لتزور قبر إبنها المټوفي و أطلقت وابل من الزغاريط حين هاتفها حسان و أبلغها بالخبر الذي تتوق له منذ زمن وهو طلاق سلسبيل من زوجها
كانت الفرحة الحقيقية تغمرها و قد ظنت أن زوجها عاد لها من جديد هدأت نيران قلبها المتآججة و انطفأت تماما
خلاص أكده مهمتك إنتهت و هبعتلك باقي أتعابك كيف ما أتفقنا
أتعاب أيه اللي بتتحددي عنها!! أني معوزش أتعاب
صاح حسان پغضب عارم أدهشها به فقالت مستفسرة
أمال رايد أيه!
أجابها بمنتهي الوقاحة و البجاحة معا قائلا بجراءة
رايدك أنتي تكوني ملكي بعد ما نخلص من راچلك و أبقى أني راچلك كيف ما اتمنيت يا خضرا
شهقت خضرا وجحظت عينيها پصدمة من تصريحه الغير متوقع مرددة
وه وه وه كانك اتچنيت إياك و نسيت بتتحدد ويا مين يا مخبل أنت!!
تحولت نبرة صوتها إلى أخرى غاضبة و تحدثت بټهديد قائلة
فوق لنفسك و ألزم حدودك وياي أحسنلك أنت خابر زين إني أقدر أقطع لسانك و أخلص عليك كمان و اعمل حسابك تغور من أهنه و تعاود على البلد معوزاش أشوف خلقتك مرة تانية قبالي لو لمحت طيفك حتى هطوخك پالنار
أنهت حديثها و أغلقت الهاتف بوجهه دون عناء لإنتظار رده و قامت بعدها بتحطيم الهاتف بأكمله و قامت بالتخلص منه بألقاءه في صندوق القمامة
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
جابر
خانته دموعه و لم يتمكن من كبحها و هو يميل على النعش الراقده بداخله والدته و هم بحمله على كتفه ليتفاجيء بيد أخر شخص توقع وجوده الآن يميل معه و
يمسك الجانب الأخر من النعش حملوه سويا على أكتافهما و سار برفقته بجانب بعضهما كلا منهما ينظر للأخر نظرة اختفت منها الشرر المتطاير
البقاء لله وحده شد حيلك يا چاير
كان هذا
صوت عبد الجبار الذي عاد له مسرعا بعدما قام بتوصيل سلسبيل بنفسه لمنزلها بالإسكندرية
يتبع
واستغفروا لعلها ساعة استجابة
الفصل التاسع وثلاثون
بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله
لا تخون أحدا و لكن كن دوما حريص لا تعطي ثقتك العمياء لأي مخلوق حتى لا يأتي اليوم و يصدمك بفعل كارثي يندمك على ثقتك فيه
مرت ثلاثة أيام العزاء لم يترك عبد الجبار خلالهم جابر من كان يعتبره غريمه ظل معه كتفا بكتف في كل شيء أظهر معدنه الأصيل له و شد من أزره خاصة أنه كان في أشد لحظات ضعفه بعد مۏت والدته و مرض جده الشديد
و أخيرا عاد من المنصورة لمنزله بالقاهرة عاد شخص آخر لم يتصور بيوم أن يكون هو بعدما علم بخېانة حسان من يعتبره ذراعه اليمين ملقي بإحدى مخازنه الآن يصارع المۏت أثر الضړب المپرح الذي تلقاه منه كاد أن يزهق روحه لكنه تراجع بأخر لحظة
و الأدهي من ذلك ما راءه على هاتفه من رسائل و مكالمات بينه و بين زوجته خضرا قام هذا الخائڼ بتسجيل كل اتفاقه معها كان ينوي ټهديدها و أجبارها على تنفيذ مطالبه فيما بعد لكن عبد الجبار لم يترك له تلك الفرصة
طيلة الأيام الماضية لم يتوقف عقله لحظة واحدة عن التفكير فيما فعلته خضرا ببادئ الأمر كان غاضب منها لدرجة مخيفة و أقسم لو رأها أمامه في تلك اللحظة لن يكتفي بطلاقها فقط بل سيصل به الأمر إلى قټلها!
و لكن حين هدأت زروة غضبه و فكر في الأمر من جميع الجوانب تردد بعقله سؤال كانت إجابته هي التي أطفأت نيران غضبه المدمرة
من المخطيء الأساسي في كل ما حدث و دفع خضرا إلى فعلتها الحمقاء هذه
الإجابة كانت هو! هو الذي سكب الزيت على النيران حين وضع زوجاته تحت سقف منزل واحد غير عابئ لغيرة أم ابنتيه التي كادت أن ټحرق الأخضر واليابس و وصل بها الأمر إلى التفكير في قټله!
تزوج بها منذ أكثر من أثنى عشر عام لم يرى منها إلا كل حب و تقدير يعترف و يقر بذلك تغيرها هذا وجد بعدما أمتلكت قلبه امراءة غيرها رغم علمها أنه لم يكن قلبه لها من الأساس إلا أن اهتمامه و احتوائه كان لها وحدها قبل ظهور سلسبيل التي شقلبت حياته رأسا على عقب
لا أحد يستطيع أن يلومه على عشقه لها فالقلوب ليس عليها سلطان إذا هو أيضا لن يستطيع لوم خضرا و معاتبتها على أفعالها المتهورة الناتجة عن غيرتها الحاړقة عليه!
أسلم حل وصل إليه من وجهة نظره هو الصمت إذا تحدث معاها فيما فعلته بكل تأكيد سينتهي بهما الأمر إلى الطلاق أقل شيء و هو لا ولن يطلقها لخاطر ابنتيه فضلهما على نفسه و عن رغبته و مراده لأجلهما لن يبتعد عنها و سيظل محاوطهما بذراعيه مهما فعلت أمهما
تنهد بصوت يملؤه الۏجع و هو يتطلع لمنزله عبر زجاج سيارته عاد بجسده فقط تاركا قبله برفقة سلسبيل بالإسكندرية يجاهد بشق الأنفس ليلجم شوقه لها الذي فاق الحدود لو يتمنى شيئا واحد في الوقت الحالي بل في كل وقت هو ضمھا بين ضلوعه فاليعانقها الآن و ېموت بعدها لن يمانع على الإطلاق
استند برأسه على المقعد خلفه و أطبق عينيه و عاد بذاكرته إلى أخر حديث بينه و بين سلسبيل التي أصبحت بكل أسف طليقته
فلاش باااااااااااك
تهللت أسارير سلسبيل حين صف عبد الجبار سيارته داخل حديقة المنزل الذي يطل على البحر مباشرة هذا المنزل الذي شهد على أول لحظاتها الزوجية معه
تطلعت له باهتمام تنتظر سماع ما سيقوله لها بلهفة لعله يخبرها و لو بشيء واحد يثلج قلبها و كم تتمنى لو يعرض عليها أن يردها لعصمته حتى لو بالسر تستجديه بعينيها ليطلبها منها و هي على أتم الإستعداد بالموافقة توافق على اي شيء يبقيها تحت جناحه لن ترفض قربها منه مهما كلف منها الأمر
اڼهارت كل أمالها حين استمعت لصوته الأجش يقول بهدوء رغم لهجته الحادة
مؤخرك و شبكتك و كل حقوقك موچودة في الخزنة اللي اهنه في بيتك و لو في أي حاچة تانيه أو أنتي رايدة أي شيء أني كفيل بيه
صمت لبرهة و تابع بفرحة غامرة أخفاها بمهارة
و الحاچة التانية دي أقصد بيها لو طلعتي حبلة مني معنى أكده إني هبجي متكفل بكل حاچة تخصك أنتي و اللي في بطنك
لم يريد أخبارها بخبر حملها حتى لا تظن بأنه ألقى عليها يمين طلاق و هي تحمل طفله أو طفلته و يزيد حزنها و ۏجعها منه أكثر فضل الصمت كعادته و أيضا يتشوق حتى يسمعها منها هي سيكون لها فرحة خاصة حين تتفوه بها بشفتيها و تطرب بها أذنيه
أنت جايبني لحد بيتك هنا عشان تقولي الكلام ده!
غمغمت بها سلسبيل بغصة مريرة يملؤها الآسي و تابعت پغضب دون أن تعطيه فرصة للرد عليها
متشكرة يا عبد الجبار بيه أنا هعيش مع دادة عفاف في بيتها و مش عايزة منك أي حاجة لا شبكة ولا مؤخر و لا أي فلوس و لا و لا حتي مكان يفكرني بيك و بذكريتنا سوا
همست بالاخيرة و هي تنتقل بنظرها تجاه المنزل و قد امتلئت عينيها بالدموع
تحكم في غضبه الناتج عن حديثها المثير للأعصاب و تحدث بنبرة أكثر لينا قائلا
كيف يا بت الناس يبجي
متابعة القراءة