لماذا غابت أم يوسف عليه السلام عن قصته في القرآن
واختلف العلماء لم سميت هذه السورة بأحسن القصص من بين سائر سور القرآن فقيل: لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم ما تتضمن هذه القصة وقيل: سماها الله أحسن القصص لحسن مجاوزة يوسف عن إخوته وصبره على أذاهم وعفوه عنهم وكرمه في العفو عنهم، وقيل: لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين، والجن والإنس والأنعام والطير وسير الملوك والممالك والتجار والعلماء والجهال والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه والسير وتعبير الرؤيا، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجمل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا. وقيل لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب وسيرهما. القصة
رؤيا المنام والبشارة
في إحدى الليالي؛ رأى يوسف في منامه أحد عشر كوكبًا ورأى الشمس والقمر ساجدين له، فلمّا أفاق ذهب إلى أبيه يعقوب وقصَّ عليه الرؤيا
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
أدرك يعقوب بحدسه وبصيرته أنَّ ابنه سيكون له شأن عظيم، وحذَّره من أن يقصَّ رؤياه على إخوته، فيحسدونه على ما آتاه الله من فضله، وخاف يعقوب أن يفسد الشيطان قلوبهم، فأطاع يوسف والده وأضمر الرؤيا في نفسه
قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ
كما ذكَّره يعقوب بأنه من نسل الأنبياء وبأن أبويه إبراهيم وإسحاق من الذين اصطفاهم الله وشرفهم بالنبوة، والرؤيا التي رآها تدل على أن الله اصطفاه، وسيؤتيه النبوة والحكمة وسيتم نعمته عليه كما أتمَّها على إبراهيم وإسحاق من قبل
وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ثم خُصَّ يعقوب ابنه بعطفه، وأولاه رعايته وعنايته، وغدا يحبه أكثر عن إخوته وقرَّبه إليه
المؤامرة عليه
لم تكن محبة يعقوب ليوسف تخفى على إخوته، فكيف وهم يعيشون في بيت واحد، وظل هذا الأمر حبيسًا في صدورهم، إلى أن جلسوا يومًا يبثون الشكوى ويتشاورون فيما بينهم وقد امتلئت صدورهم بالحقد والحسد على يوسف وأخيه الأصغر، فأدركوا بلا شك بأنهما أحب إلى أبيهم منهم، ووصفوا أباهم بالضلال (أي بالخطأ مما فعله)، وبدأوا يفكرون في طريقة يتخلصوا فيها من يوسف
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
اقترح أحدهم أن يقوموا إما بقتل يوسف أو بنفيه في مكان بعيد عن المنزل في أرض خلاء كي تأكله السباع، ثم ينفردوا بمحبة أبيهم لهم، ويتوبوا بعد ذلك إلى الله من هذا العمل ويكونوا من الصالحين
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ
إلَّا أن أحدهم لم تعجبه الفكرة، فاقترح أنْ يلقوا بيوسف في بئرٍ عميق، فربما يعثر عليه بعض المارة من المسافرين ويأخذوه معهم، لقيت هذه الفكرة استحسانًا وقبولًا فيما بينهم واستقر رأيهم على نفيه وإبعاده