رواية دعاء عبده

موقع أيام نيوز


هدومى وفجأة حسيت أنى صنم ..عقلى أتجمد وقلبى ابتدى ينبض ببطء شديد .. حاولت بعدها افتكر أى تفاصيل مافتكرتش حاجة أبدا.. مش فاكر غير أبويا وهو بيشدنى يقومنى من جنبك وأديه بتنزل على وشىورجليك كلها ډم فتوقعت انا عملت أيه .. صدقينى ده كل اللى فاكره
تركها وخرج من الغرفة إلى حجرة المعيشة هوى إلى الأريكة وبدأت دموعه تنهمر بصمت وهو يتصور كل مشهد مر أمام عينيه وهو يعصى الله فيها وهو يتذكر كلماتها وهى تصرخ فيه فوق يا يوسف انا مريم

خرجت إليه ورأته يدفن رأسه بين كفيه ويبكى وشهقاته تعلو وهو يستغفر الله أطرقت برأسها ولم تعد تتحمل كتمان الأمر أكثر من هذا فهو يتعذب بما لم يفعله يوما بعد يوم ويأكله الندم ويلوكه بين فكيه بكل قوة شعرت أن عقلها ينبض فى قلبها ويحثها على أخباره بما حدث فهو قد تربى بما فيه الكفاية لم تتردد أكثر من هذا وقالت وهى تجلس بجواره
مصدقاك يا يوسف .. عارف ليه.. لأنك ملمستنيش .. معملتليش حاجة أبدا بعد كده
توقفت الدموع فجأة وكأن الدنيا قد توقفت فجأة عن الدوران وسكت الكون ألتفت إليها بذهول وقطب جبينه قائلا
يعنى ايه 
أفلتت دمعتين من عينيها وقالت
فاكر لما ودتنى لدكتورة النسا لما أغمى عليا والدكتورة طلعتك بره
أومأ برأسه وهو ينظر إليها بصمت مخلوطا بذهول فقالت
الدكتورة فوقتنى وسألتنى عليك وقلتلها انك جوزى.. قالتلى طب احتمال يكون القىء والدوخة بسبب الحمل نتأكد .. طبعا انا كنت ھموت .. وافقت على طول وبعد الفحص بصتلى باستغراب وقالتلى أومال بتقولى عليه جوزك أزاى ووافقتى أعمل فحوصاتى ليه لما انت لسه بنت بنوت ! ..
ساعتها روحت فى دنيا تانية .. مبقتش عارفة أضحك ولا اعيط .. أصرخ ولا اعمل أيه مش عارفة .. لقيت دموعى نازلة زى المطر.. ولما خرجت من عندها والبنت الممرضة شافتنى بعيط سألتنى مالك لقيت نفسى بقولها الدكتورة كانت فاكرانى حامل .. طبعا هى افتكرت ساعتها انى بعيط علشان مطلعتش حامل وفضلت تواسينى.
توقفت الساعات والعقارب حتى أنه شعر بأن الهواء أيضا توقف فلا يستطيع التنفس ولا الحركة وكأن قلبه رفض نبضه وكأن عقله تمرد عليه ورفض التصديق لا يستطيع شيئا سوى الذهول ... الذهول وفقط فقال فى هذيان 
يعنى أيه .. والدم.. أومال ده حصل ازاى ..ازاى ..!
قالت من بين دموعها
أكيد أغمى عليك .. وإلا مكانش عمى لما دخل بعد الفجر لقاك جمبى.. وطبعا كانت رجلى غرقانة ډم علشان لما وقعت على الأزاز اټجرحت جامد والموقف مكنش يحتمل تفسير تانى
قفز المشهد فى عقله مرة أخرى بقوة لقد تذكر فجاة لحظة سقوطه وكأنها حلم بعيد من مشهد قديم نعم لقد سقط وهو ينزع ملابسه عندها كان يترنح بقوة لابد وأنه قد سقط غائبا عن الوعى بعدها
أستدار إليها بجسده كله دفعة واحدة وكأن روحه التى غادرت سقطت فجأة بداخل جسده من جديد وهتف بها
ومقولتيش ليه من ساعتها .. ليه يا مريم 
ثم وقف ناهضا وقال بعينين زائغتين مشدوهتين 
يعنى ايه يعنى انا مش زانى ... يعنى ... يعنى انا لسه يوسف .. أنا مضعتش من نفسى .. أنا ربنا حصنى وحمانى من الچريمة دى
نهضت لتقف أمامه وقالت ودمعها تنهمر كالشلال وتمد أناملها تمسح الدموع عن وجهه وتقول
وأنا لسه مريم .. أنا كمان لسه مريم يا يوسف .. لسه بعفتى وطهارتى وربنا حمانى وحصنى رغم كل الافترا اللي اتقال عنى
نسي ألمه وجرحه الذى لم يندمل بعد وحملها بين ذراعيه وطاف بها وهو يهتف تارة وېصرخ تارة أخرى ويبكى بضحكات ويضحك بدموع واختلطت دموعه بدمعها وهو مازال يهتف
مش مصدق .. مش مصدق يا مريم.. مش مصدق
أنزلها إلى الأرض فجأة هاتفا بسعادة
بابا .. بابا لازم يعرف
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بمكر
وانت فاكر انه لسه مايعرفش .. أنا قلتله وانت فى العمليات .. وهو كمان مكنش مصدق زيك كده
أبعد وجهها مرة أخرى ونظر إليها يتفحص عينيها ثم قال بشغف و تحدى
تصدقى بقى ده انا اللى هربيكى
قرأتها فى عينيه فابتعدت وهرولت سريعا إلى غرفتها وأغلقتها من الداخل لحق بها و طرق الباب بقوة هاتفا 
أفتحى يا مريم احسنلك
وقفت خلف الباب وقلبها يخفق بشدة هاتفة 
مش هفتح
طرقه مرة أخرى صائحا 
بقولك افتحى بدل ما اكسر الباب
بقولك مش هفتح مهما عملت .. مش هفتح يعنى مش هفتح
وبعد مرور شهرين وفى يوم الجمعة تحديدا كان موعد اللقاء الأسرى المعتاد حول مائدة الطعام الكبيرة جلس حسين على رأس المائدة كالعادة وهو يقول 
أومال يوسف ومريم منزلوش ليه لحد دلوقتى
قالت عفاف بنفاذ صبر 
والله زهقت يا
حاج .. بقالى ساعة كل شويه اتصل ويقولوا نازلين ومفيش فايدة
ضحك حسين
ضحكات جعلت الجميع يبتسم ثم قال
وباقى البنات فين .. إيمان وفرحة ووفاء مش كانوا هنا من شوية
تدخل عبد الرحمن قائلا
أصل يا بابا إيمان عملت حركة تمرد عليك وقالت الستات لوحدها والرجالة لوحدها .. طبعا حضرتك عارف انا جاى اهدى النفوس مش أكتر
ضحك والده مرة أخرى وقال
خلاص طالما هى حابة كده والبنات موافقين خاليهم على راحتهم
طرق يوسف ومريم الباب ففتح إيهاب باب المنزل وهو يمسك معدته قائلا
حرام عليكوا موتنا من الجوع
دخل يوسف
وهو يلف كتف مريم بذراعه ويقول
معلش يابنى انا عارف ان اختى مجوعاك .. قدرك ونصيبك بقى
خرجت فرحة قائلة بشغف
أنا سامعة حد بيجيب سيرتى
تلقاها يوسف بذراعين مفتحتين قائلا بمرح
أهلا يا ام العيال وحشانا يا غالية
ضړبت يده وهى تقول هاتفة باعتراض
أم العيال فى عينك .. ده انا لسه يدوب فى الشهور الأولى.. سابقة إيمان بشهر واحد .
نهض عبد الرحمن واقفا وهو يقول باعتراض
لا بقولك أيه.. ولا سابقاها ولا حاجة.. دى الحكاية كلها فرق التوقيت مش أكتر
علت الضحكات بينهم مجددا وقالت مريم 
طب ادخل انا بقى للبنات قبل ما حد فيكوا يصطادنى
ربت يوسف على كتفها وقال مشجعا 
أدخلى يا حبيبتى بس على مهلك ..
ثم نادها برجاء 
الله يخليكى يا مريم كفاية ترجيع بقى.. كده على ما تيجى تولدى مش هنلاقى حاجة جوه أصلا
وأثناء الغذاء ألتفت عبد الرحمن إلى والده قائلا
عمى مجاش النهاردة ليه يا بابا
بيحضروا نفسهم علشان هيسافروا يعرضوا وليد على دكتور بره مصر
ألتفت إليه يوسف قائلا
هوأبتدى يتحرك ولا لسه
تدخل إيهاب قائلا
على كرسى متحرك كده جوى البيت
تمتم يوسف قائلا بعدم اهتمام
ربنا يشفيه
ربت والده على يده قائلا
لا يابنى أدعيله من قلبك إن ربنا يشفيه.. وليد عرف غلطته وندم على اللى عمله وعرف ان اللى هو فيه ده عقاپ من ربنا
تدخلت عفاف قائلة 
ومش هو وبس والله يا حاج .. دى فاطمة كمان كأنها اتبدلت لواحدة تانية خالص.. الحزن على ابنها كسرها أوى وخلاها فى دنيا تانية.. ربنا يرفع عنهم ويسامحهم
يوسف
نعم يا حبيبتى
ناولنى البسكوت المملح اللى جانبك ده
مريم.. مكنش حمل ده.. كل شوية بسكوت بسكوت .. أنت حامل فى عيل فى الحضانة ولا أيه
كده يا يوسف .. مش كفاية امبارح زعلتنى ومرضتش تشيلنى
أولدى انت بالسلامة يا حبيبتى وانا اشيلك زى ما انت عايزة.. أصل بصراحة معنديش غير عمود فقرى واحد
قصدك أيه.. أنا تخنت يعنى
لا يا حبيبتى هو انا أجرؤ اقول كده
طب هات البسكوت بقى
بقولك أيه يا مريم
نعم يا حبيبى
عبد الرحمن كان بيحكيلى على سياحة جديدة كده.. أسمها السياحة الزوجية
يعنى أيه.. الناس بتسافر مجوز
مجوز!
مجوز ايه بس هو انا بكلمك على جوز حمام
طب فهمنى انت
طب تعالى جوه.. الدنيا برد هنا
طب شيلنى
ليه !
علشان تحكيلى جوه على السياحة !
سياحة أيه
السياحة الزوجية اللى عبد الرحمن قالك عليها !
عبد الرحمن مين
أخوك !!
أخويا مين انا ماليش أخوات ... قال شيلنى قااال !

 

تم نسخ الرابط