حكمة، عبرة وموعظة
حكمة، عبرة وموعظة
سارع الجراح سعيد إلى المستشفى بعد أن استدعي على وجه السرعة لإجراء عملية طارئة لأحد المرضى. استجاب سعيد للنداء في أسرع وقت ممكن ووصل إلى المستشفى. قبل أن يدخل إلى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه. ما أن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا: "علام كل هذا التأخير يا دكتور؟ ألا تدرك أن حياة ابني في خطر؟ أليس لديك أي إحساس بالمسؤولية؟".
ابتسم الطبيب برفق وقال: "أنا آسف يا أخي فلم أكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء. وبأسرع ما يمكنني الآن أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي. كن على ثقة أن ابنك سيكون في رعاية الله وأيدي أمينة".
لم تهدأ ثورة الأب وقال للطبيب: "أهدأ؟
ما أبردك يا أخي! لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ؟ سامحك الله، ماذا لو م١ت ولدك؟ ماذا ستفعل؟".
ابتسم الطبيب وقال: "أقول قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}".
قال الأب: "يا أخي الطبيب، لا يطيل عمرا ولا يقصره إلا الله. ونحن سنبذل كل جهدنا لإنقاذه ولكن الوضع خطير جدا.
إن حصل شيء فيجب أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون. اتق الله واذهب إلى مصلى المستشفى وصل وادع الله أن ينجي ولدك".
دخل الطبيب إلى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات. خرج بعدها الطبيب على عجل وقال لوالد المريض: "ابشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله. وسيكون أبنك بخير. والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل".
حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة أخرى ولكنه انصرف على عجل. انتظر الأب دقائق حتى خرج أبنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الأب: "ما بال هذا الطبيب المغرور؟ لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟".
فجأة أجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له: "لقد توفي ابن الدكتور سعيد يوم أمس على اثر حادث. وكان يستعد لمراسم الدفن عندما اتصلنا به للحضور فورا لأن ليس لدينا جراح غيره. وها هو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك".